الاستثمار المقنع

عملت ( الشركات الإمبريالية ) القديمة على نهب ثروات الشعوب واستخدام ابنائها عمال( سخرة) تكريسا لهيمنة الفوى الكبرى على العالم وتحويله إلى كعكة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية
لا اعرف لماذا تذكرت تلك الشركات البغيضة التى كانت قناعا اقتصاديا للاستعمار وقفازا لإذلال وإفقار الدول المغلوبة على أمرها وانا اتابع انشطة شركة CORNELIS VROLlJk
الهولندية المثيرة للجدل والتى حاولت أن افهم طبيعتها ودورها وانشطتها دون جدوى
منحت هذه الشركة تسهيلات وامتيازات مريبة خاصة فى نواذيبو مع انها لم تقم باكثر من ترميم وطلاء مصنع قديم(ALMAP) وكأن ذلك هو ما تضمنته دفتر التزاماتها إن كانت فعلا لديها دفتر اوالتزامات من اي نوع
تحركت الشركة بسرعة وكانها الممثلة الوحيدة للاتحاد الاوروبي الوصية على شراكته فى محال الصيد مع موريتانيا
كان تحركها بالغ الغموض فاحيانا يخيل اليك انها تعمل وفق قاعدة( أنا اوالطوفان)
فهي تريد بحرا لها وحدها باسماكه وشاطئه واستثماراته وفى سبيل ذلك بدت وكانها تقفز على فقرة رئيسية فى اتفاق الصيد الموريتاني – الاوروبي تقول بوضوح إن المسموح باستغلاله وتصديره هو فقط الفائض عن حاجيات السوق المحلية الموريتانية من الأسماك
إن CORNELIS VROLlJk لاتريد أن يكون لدينا فائض ولاحتى أقل القليل من حاجيات سوقنا فاجندتها تقتضى أن كل شيئ لها وحدها
لم تخف الشركة الهولندية نواياها ولم تحتفظ بفناعها طويلا فظهرت على حقيقتها وهي تخوض حرب طواحين ضد المستثمرين الوطنيين باساطيلهم ومصانعهم بل حتى على كل من يرى أن شحنات السمك الموريتاني يجب أن تفرغ أولا على الشواطئ الموريتانية وتحت عين الرقيب الموريتاني التى تسهر على أن تكون حاجيات السوق المحلية مضمونة قبل اي شيى آخر وان تراعى الشحنات نوعيات الأسماك المسموح بتصديرها أو التى تستخدم لأغراض صناعية استثمارية وطنية تخدم الوطن والمواطن
وكان لافتا أن CORNELIS VROLlJk لعبت بسرعة على كل الحبال عبر سياسة( البحر المحروق) فاشعلت صراعات وهمية وحاولت خلط اوراق قطاع الصيد لتستاثر بالبحر وخيراته غيرعابئة بقانون اومسطرة علاقات بالسلطات الموريتانية تحكم أنشطتها وتحركاتها
ورغم مايشاع حول مصانع( موكا) فإن الشركة الهولندية حولت ملف( موكا) الى( حائط مبكى) بللته بدموع التماسيح تحت يافطة الدفاع عن بيئة بحرية هي أول من عمل على تدميرها
لم يكن الهدف هو ( موكا) بل كان أبعد من ذلك وهو محاربة اي استثمار وطني أو اجنبي أو تشاركي ترى فيه الشركة مصدرا لكشف حقيقتها وإظهار وجه استثماري يبتعد عن اساليب النهب والانتهازية والقفز على القانون والتهرب من وصاية وزارة الصيد وهيئاتها الرقابية النشطة
ولاحقا تجاوزت الشركة خطوطا وطنية حمراء عندما جيشت فى حملتها المشبوهة جهات سياسية محلية وقطاعات من المجتمع المدني وكان الصيد فى المياه السياسية المحلية العكرة جزء من مهامها الغامضة أصلا
وكما يقول المثل ف(العين تفقد واجبها إذا علت على حاجبها)
وهنا يتبادر السؤال كيف تسللت الشركة إلى بعض مفاصل الوزارة الوصية درجة عرقلة مسار الإصلاح وخلق مشاكل للوزراء المتعاقبين على حقيبة الصيد خلال السنوات الماضية
وتركيز الشركة على احتضان احزاب وشخصيات توصف بالمعارضة يعتبر خطوة تثير علامات استفهام كبيرة حول النوايا الحقيقية للشركة ودس انفها فى الشأن الداخلي الوطني وهي التى يفترض انها شركة صيد تقف على نفس المسافة من الأغلبية والمعارضة ولاتسعى لحفر حفرة للنظام القائم عبر أحتضانها للمعارضة
ولابد هنا من التساؤل عن المبالغ الضخمة التى انفقتها الشركة فى حفلات استقبال وغداء وعشاء على شرف فصيل سياسي معارض وعلى شرف منظمات مجتمع مدني مشكوك فى خلفيات وأهداف معظمها واحيانا على شرف اطراف فى الموالاة .تنضاف إليها مبالغ أنفقت على برامج ومحامين وشخصيات مختلفة خدمة لتلميع الشركة وفرض سيطرتها على القطاع
اما تزايد سفنها وإمكاناتها المادية مقابل إنعدام انجازاتها على الارض إذ أنها لا تقوم سوى بجمع السمك وإرساله من البحر إلى الخارج دون معالجة أحيانا باستثناء التبريد والتخزين الضروري للأسماك وهي تقطع مسافات طويلة من موريتانيا الى اوروبا فتلك قصة أخرى تحتاج أن نتوقف عندها مستقبلا
ولعل اصدق تعبير عن واقع الشركة ونشاطها المشبوه هو ماقاله مرشح من اليسار الفرنسي وهو يصف علاقة الاتحاد الاوروبي مع بعض الدول فى مجال الصيد البحري حيث شبه العلاقة بين الطرفين بالعلاقة بين وحش مفترس( الاتفاقيات الأوروبية المجحفة) بضحية بائسة لاحول لها ولافوة( الدول الموقعة على تلك الاتفاقيات )
ما الذى تريده
CORNELIS VROLlJk
سؤال لم نجد له جوابا وبالبحث عن جواب له يتعين علينا العودة للمربع الأول لنتذكر بمرارة الزمن القبيح للشركات الإمبريالية التى كانت قناعا اقتصاديا اكثر قبحا من وجه الاستعمار الذى يختفى وراءه

عبد الرحمن سيدي

: خبير في مجال الصيد والاقتصاد البحري


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *