خلدت سفارة فلسطين مساء أمس، بمقر إقامة السفير الفلسطيني د. محمد قاسم الأسعد في نواكشوط، الذكرى الرابعة والثلاثين لإعلان استقلال دولة فلسطين وذلك بحضور وزراء ودبلوماسيين وسياسيين وقادة رأي
وشكل الحدث مناسبة للسفير محمد الأسعد لتهنئة موريتانيا حكومة وشعبا بمناسبة الذكرى الثانية والستين للاستقلال الوطني مشيدا بمستوى التعاون والعلاقات المتميزة القائمة بين الشعبين والقيادتين في البلدين الشقيقين.
وعرج سعادة السفير الفلسطيني على القضية الفلسطينية في الوجدان الموريتاني حيث حضرت وتجلت في مختلف اهتمامات الموريتانيين بما في ذلك الشعر الموريتاني الذي ظلت القضية الفلسطينية حاضرة فيه بقوة.
وأكد السفير الأسعد تعلق الشعب الفلسطيني بأرضه وتشبثه بها عبر العصور مؤكدا أن ما يمر به الشعب الفلسطيني من احتلال وجرائم وإرهاب يستهدف كل شيء في فلسطين إنما يتواصل بسبب سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير التي جعلت كيان الاحتلال يشعر أنه فوق القانون وفوق المساءلة.
ومما جاء في خطاب سعادة السفير محمد الأسعد بهذه المناسبة:
في الوقت الذي كان فيه العالم المعاصر يصوغ نظام قيمه الجديدة كانت موازين القوى المحلية والعالمية تستثني المصير الفلسطٌيني من المصير العام، فاتضح مرة أخرى أن العدل وحده لا يسير عجلات التاريخ.
وهكذا انفتح الجرح الفلسطٌيني الكبير على مفارقة جارحة فالشعب الذي حرم من الاستقلال وتعرض وطنه لاحتلال من نوع جديد، قد تعرض لمحاولة تعميم الأكذوبة القائلة ” إن فلسطٌين هي ارض بلا شعب ” و على الرغم من هذا التزييف التاريخي ، فإن المجتمع الدولًي في المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم لعام 1919 م، وفي معاهدة لوزان لعام 1923م، قد اعترفت بان الشعب الفلسطيني شأنه شان الشعوب الأخرى وهو شعب حر مستقل.
ومع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني، بتشريده و حرمانه من حق تقرير المصير، إثر َر قرار الجمعية العامة رقم 181 لعام 1947م، الذي قسّم فلسطين إلى دولتين فإن هذا القرار مازال يوفر شروطاً للشرعية الدولية.
حيث تضمن حق الشعب الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني.
إن احتلال (إسرائيل) للأرض الفلسطينية و أجزاء من الأرض العربية و اقتلاع غالبية الفلسطينيين و تشريدهم من ديارهم بقوة الإرهاب المنظم، وإخضاع الباقين منهم للاحتلال و الاضطهاد و لعمليات تدمير معالم حياتهم الوطنية، هو انتهاك صارخ لمبادئ الشرعية و لميثاق الأمم المتحدة و لقراراتها التي تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، بما فيها حق العودة و حق تقرير المصير والاستقلال و السيادة على ارض وطنه.
وفي قلب الوطن وعلى سياجه، في المنافي القريبة و البعيدة، لم يفقد الشعب الفلسطيني إيمانه الراسخ بحقه في العودة، و لا إيمانه الصلب بحقه في الاستقلال ولم يتمكن الاحتلال والمجازر والتشريد من طرد الفلسطينيين من وعيه و من ذاته، فلقد واصل نضاله الملحمي، وتابع بلورة شخصيته الوطنية من خلال التراكم النضالي الفلسطيني المتنامي، وصاغت الإرادة الوطنية إطارها السياسي، منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني باعتراف المجتمع الدولي ، ممثلا بهيئة الأمم المتحدة و مؤسساتها و المنظمات الإقليمية و الدولية الأخرى، وعلى قاعدة الإيمان بالحقوق الثابتة، وعلى قاعدة الإجماع العربي و على قاعدة الشرعية الدولية، قادت منظمة التحرير الفلسطينية معارك شعبها العظيم، المنصهر في وحدته الوطنية، وصموده الأسطوري أمام المجازر و الحصار في الوطن و خارجه.
إن إعلان الاستقلال هذا الذي أعلنه الرئيس الشهيد الراحل ياسر عرفات أمام المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر الشقيقة شكل منعطفاً هاماً ومصيرياً في تاريخ قضيتنا، حيث مهد الطريق للبدء بمرحلة نضالية جديدة أساسها القبول بقرارات الشرعية الدولية ، ودخول فلسطين المنظومة الدولية كشريك سياسي في بناء الدولة الديمقراطية.
الحضور الكريم،
يحتفل العالم معنا اليوم تضامنا مع حق منتزع وعدالة غائبة ونضال مشروعً ضد مؤامرة حلت بشعبنا، سلبته وطنه وحريته و استقلاله، ومع ذلك لم ينهزم و اعتقد انه عوضنا بقرار آخر يعتبر التاسع والعشرين من نوفمبر اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته الذي لم يجد لها حلا، لكن خصصوا لها يوماً، يذكر فيه العالم، و يتذكر معنا مأساتنا التي حلت بنا، تعبيراً عن التضامن الأممي و الدولي مع قضيتنا و تعويضاً لفظياً لخطيئة أممية ارتكبت بحقنا.
نأتي هنا اليوم لا للوم أحد، رغم أن المسؤولية لا تسقط بالتقادم، و إنما نأتي لكي يسمع منا الرواية كما هي و كما حدثت، ولكي نؤكد أن أجيال شعبنا تعيشها و تتناقلها جيلاً بعد جيل.
منذ أكثر من سبعين عاما و نحن نذكّر العالم، ليس فقط بمأساتنا، وإنما بما نتعرضً له يومياً من احتلال و قتل وتدمير، من انتهاك لحرمات مقدساتنا، من كراهية غير مسبوقة ، وحقد دفين لا مبرر له، من عنصرية وبغضاء ، من رفض لوجودنا كشعب و شهامة تنبض بالحياة و بالأمل ليكون لها مكانتها بين شعوب هذه المعمورة في الحرية والكرامة والاستقلال.
لا زلنا نذكر العالم بما يحدث في فلسطين حتى اللحظة من جرائم ترتكب تصل إلى مستوى جرائم حرب، و جرائم ضد الإنسانية ، جرائم كراهية و جرائم عدوان، تم تصنيفها حسب المحكمة الجنائية الدولية التي اقتنعت بعدما اطلعت على الحقائق الدامغة و على سجل (إسرائيل) أن لديها ما يكفي من أدلة لفتح تحقيق رسمي بها.
لكن هل منع هذا (إسرائيل)، قوة الاحتلال، من استمرار في جرائمها وفرض نظام فصل عنصري على أرض دولة فلسطين المحتلة؟
هل منعها من التمادي في المصادرة و الهدم و القتل والاعتقال والبناء الاستيطاني و نقل السكان و التدمير الممنهج للممتلكات، و التاريخ والثقافة و للوجود الفلسطيني؟.
إن غياب مبدإ المساءلة و المحاسبة هو الذي شجع ويشجع (إسرائيل) على التمادي في جرائمها
إن الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بــ (إسرائيل) هو الذي جعلها تتصرف و كأنها فوق القانون، عندما تصبح ازدواجية المعاٌيير هي النمط السائد الذي يفرق بين دولة تخترق القانون الدولي و دولة أخرى متهمة بذات التهمة منذ فترة طويلة نجحت في تجنب العقاب.
حضر الفعالية، وزير الشؤون الخارجٌية والتعاون والموريتانيين في الخارج السٌيد محمد سالم ولد مرزوق، و وزير الزراعة السيد يحي ولد احمد الوقف.، وعدد من المستشارين و السفراء لدى رئاسة الجمهورٌية و الوزارة الأولى و وزارة الخارجية، وعدد من السفراء و الدبلوماسيين المعتمدين لدى موريتانيا وممثلو العديد من الأحزاب و المنظمات والهٌيئات السياسية والثقافية والنقابية وعدد من ممثلي وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة.