اقترح الخبير الاقتصادي الموريتاني سيد أحمد ولد ابوه مقترحات لضمان عبور آمن بموريتانيا من أزمة الغذاء الحالية التي ضاعفتها في الأسواق العالمية الحرب على أوكرانيا، مشددا على أن “بعضها قد لا يحتمل التأجيل”.
وأكد ولد ابوه في مقال له تحت عنوان: “موريتانيا والهزات الارتدادية للحرب الروسية على أوكرانيا”، أنه “ينتظر من السلطات توظيف عامل الوقت والتقدير السليم لما ينبغي اعتماده لتجنيب الموريتانيين أزمة غذاء حادة وذلك بالتركيز على الزراعة والصيد والتنمية الحيوانية.
واقترح ولد ابوه إجراءات في هذه القطاعات من بينها إلغاء ملكية كل الأراضي الزراعية بشماما والتي لم يتم استغلالها خلال الموسم الماضي.. ومنع تزويد مصانع دقيق وزيت السمك بالأسماك السطحية.. وتوفير الأعلاف بأسعار مدعومة وبكميات كافية لمواجهة آثار شح الأمطار خلال السنة الماضية، ومنع تصدير الماشية لبلدان الجوار لمدة ستة أشهر، ودعم الصحة الحيوانية.
كما اقترح ولد ابوه دعم الاستقلالية المالية لمركزية الشراء وتموين السوق وتمكينها من حساب خارجي يضمن لها الاستقلالية في القيام بعملياتها دون اللجوء إلى وسطاء، والمراجعة العاجلة لتخصيص الاعتمادات في ميزانية 2022.. وإعادة تخصيص بعض الاعتمادات لمواجهة الظرف الطارئ ومن تلك الإجراءات ما يتعلق بإلغاء مبلغ 57 مليار أوقية قديمة زيدت به ميزانية التسيير لعام 2022 مقارنة بنفس الميزانية في قانون المالية لسنة 2021 وإعادة توجيهه لإجراءات الدعم.
وشدد ولد ابوه على ضرورة الولوج السريع للسوق المالية الدولية، وذلك أمام تعذر الولوج لشبابيك التمويل الميسر، معتبرا أن من شأن إجراء كهذا أن يمكن البلاد من التمول عبر إحدى آليتين هما التعبئة المباشرة للأموال من عند المؤسسات المالية الدولية المؤسسية أو الخاصة بالنسبة للدولة أو لشركاتها العمومية (اسنيم، صوملك، سوماغاز، والموانئ بعد مراجعة حوكمتها) أو الاقتراض عبر طرح سندات رقاعية في السوق العالمي يتم تداولها.
ودعا ولد ابوه لاستثمار وجود الفريق الاقتصادي الحكومي الذي سيسافر بعد أسبوعين إلى واشنطن للمشاركة في اجتماعات الربيع للنقد الدولي والبنك العالمي للتواصل مع هذه الوكالات العالمية الثلاث الشهيرة (موديز وافيتش واس اند بي) أو مع إحداها للقيام بمبادرة لتقييم الدين السيادي للبلاد.
كما شدد ولد ابوه على ضرورة دعم القدرة الشرائية عبر وقف النزيف الناتج عن ارتفاع الأسعار، عبر تكثيف الإعانات المالية للأكثر هشاشة من عائلاتنا، ومنح زيادة صافية استثنائية للموظفين ولمدة ثلاثة أشهر، وتشجيع القطاع الخاص على اعتماد نفس الإجراء لفائدة عماله.
وطالب ولد ابوه بمراجعة معدل الفائدة التوجيهي عبر دراسة إمكانية خفضه بـ150 نقطة كأساس لتسهيل الولوج إلى التمويل.
وأكد ضرورة ضبط الحدود البرية لضمان منع إعادة تصدير السلع المدعومة خارج الوطن.. ومراجعة الإطار العام لتزويد البلاد بالمحروقات، وتحرك موريتانيا عاجلا لتنسيق طرح مبادرة خلال اجتماعات الربيع للنقد الدولي والبنك العالمي، تحت اسم: “الغذاء لإفريقيا Food for Africa”، مردفا أن هذه المبادرة يمكن أن توفر المال الضروري لتوريد الأغذية للبلدان الإفريقية المحتاجة، وفق آلية تجمع بين البعد المجاني وبعد تقاسم التكاليف، بما يضمن تحييد آثار الأزمة على موازنات البلدان، ومواصلة الجهود في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المهمة جدا.
كما أكد ولد ابوه ضرورة النظر في إمكانية طرح جزء من احتياطات البنك المركزي من الذهب في السوق العالمي لدعم احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، واصفا هذه العملية بأنها محفوفة بالمخاطر، وبالتالي ينبغي تعويض ما قد يتم بيعه حال انقشاع الأزمة.
وخلص ولد ابوه إلى القول إن آثار الحرب الدائرة حاليا على لا تتوقف على أسواق الغذاء في الأمد القصير فحسب، بل إن البلدين المتحاربين كانا يوفران نصف حاجيات الزراعة العالمية من الأسمدة، وبالتالي إن استمرت هذه الحرب أو طال أمدها فلن يكون إنتاج الزراعة العالمية بعد ثمانية شهور إلا نصف إنتاجها قبل الحرب منقوصا منه إنتاج أوكرانيا وجزء من إنتاج روسيا.
وأضاف ولد ابوه أن هذا يعني أن العالم مقبل لا محالة على فترة شح في مصادر الغذاء. مؤكدا أن الأذكياء وحدهم من بإمكانهم تحويل الأزمات ومطباتها إلى فرص ومكاسب، مشددا على أن ذلك يظل رهينا بالقدرة على اتخاذ المبادرة والقراءة السليمة لواقع يتعقد كل يوم بفعل عوامل السياسة والنفوذ على الصعيد العالمي.
وقدم ولد ابوه في مقاله الذي حدد هدفه في “إثراء النقاش حول المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي تتهدد موريتانيا بفعل ما ينتج حاليا من آثار للحرب الدائرة في شرق أوربا على الأسواق العالمية”، قدم معطيات تحليلية حول بيانات التجارة الخارجية الموريتانية، كما توقف مع آثار الأزمة على الإمدادات ووضعية المخزونات، واستعرض أبرز التحديات في البلاد.