وزير الثقافة يشرف على اختتام النسخة ال13 من مهرجان مدائن التراث بشنقيط

أشرف معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، السيد الحسين ولد امدو، مساء أمس الثلاثاء، رفقة والي آدرار السيد عبد الله ولد محمد محمود، على اختتام النسخة الثالثة عشرة من مهرجان مدائن التراث، التي احتضنتها مدينة شنقيط التاريخية في الفترة ما بين 13 و17 دجمبر الجاري.

وأوضح معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، في كلمته بالمناسبة، أن هذه النسخة كانت متميزة على كافة المستويات، تنظيما وحضورا ومحتوى، مشيرا إلى أنها تجسّد فيها عبق المكان بتاريخ البهي، وتشكلت لوحتها من إرث المدينة الزاخر بالعلم والمعرفة والجهاد والتجارة.

وقال “قبل خمسة أيام، وقفت بينكم هنا، في لحظات كانت شاهدة على حضور الوطن كله، في أبهى صورة تجلى فيها ثراء ثقافتنا وعمق تاريخنا وتكامل تنوعنا، أقف بينكم للمرة الثانية، بعد أن استقبلتنا شنقيط، لؤلؤة تراثنا وتاريخنا، يتقدمنا فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والعديد من أعضاء الحكومة، وكوكبة من قادة الفكر والثقافة والمجتمع ورؤساء الهيئات الدولية المعنية بالثقافة والتراث”.

وأضاف أن تلك اللحظة التي امتزج فيها الماضي بالحاضر، وحملت معها رسالة محبة وتآخي، ترسخ معاني الوحدة الوطنية والتسامح والتواد والمساواة، قيم أرادها فخامة رئيس الجمهورية أن تكون عنوانا للمهرجان، وغاية له.

وببن أن المهرجان تضمن ندوات فكرية عميقة وأمسيات شعرية أصيلة، وفنون غنائية ومسرحية عكست فترة الصفاء والنقاء، وعروض ومسابقات الرماية والرياضات التقليدية التي جسدت معاني الشجاعة والمروة، وفي الصناعات التقليدية إبداع الأيادي وعبقرية الأفكار.

وأوضح معالي وزير الثقافة أن هذه النسخة حملت رسائل متعددة، رسالة الوحدة الوطنية من خلال تراثنا المتنوع الجامع، ورسالة تنمية عبر البرامج والمشاريع التنموية التي أطلقتها الحكومة في مدينة شنقيط.

ولفت إلى أن هذه المشاريع رصد لها غلاف مالي وصل أربع مليارات أوقية قديمة، مبينا أن المشاريع تضمنت تعزيز الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه وتحسين البنية التحتية في قطاعات الصحة والتعليم، إلى جانب برامج تشغيل وتكوين الشباب ومشاريع تثبيت الرمال وافتتاح إذاعات محلية ومتاحف ومراكز للتكوين المهني.

وأكد أن هذه المشاريع شملت كذلك دعم المحاظر والمساجد وتعزيز دور التعاونيات النسوية والمشاريع الصغيرة وتطوير منظومة الاتصالات، بما يساهم في توفير مقومات الحياة الكريمة.

وأوضح أنه تم تشييد إذاعة شنقيط ومتحفها، بالإضافة إلى تزويد المدينة بالمياه وزيادة الطاقة الكهربائية بالنصف، وتشييد بيت شنقيط للصناعة التقليدية، وبناء مركز التكوين المهني، وإطلاق المجمع التجاري بسوق النساء، وتمويل عشرات المشاريع المدرة للدخل لصالح الشباب والتعاونيات النسوية وذوي الهمم.

وأكد أنه تم تكوين مئات الشباب تكوينا مهنيا في مجال السياحة والفنون، ودعم المنشآت السياحية وتثبيت الرمال في خمسة عشر كلم، وتسييج عشرين كلم، واستثمار المزرعة وتوفير المياه بها، وبناء مدرستين وروضتين، وإكمال الثانوية، واقتناء كرسي أسنان، ودعم المصادر البشرية بالمركز الصحي، وترميم دار الشباب، وتجهيز الملعب، وتكوين الشباب، وبناء متحف شنقيط، وتشييد معهد للقرآن، ومشروع التنمية الحيوانية المندمج.

كما أكد أنه يجري تنفيذ مشروع تعبيد الطريق الرابط بين شنقيط وأطار، موضحا أنه مطلب تاريخي طالما انتظره السكان منذ فجر الاستقلال ليترجم اليوم إلى واقع ملموس بفضل إلتزام ووفاء فخامة رئيس الجمهورية بتعهده لساكنة شنقيط خلال النسخة الماضية من المهرجان.

وأضاف معالي وزير الثقافة أن هذا المشروع الهام، الذي تبلغ كلفته 12 مليار أوقية قديمة ستصبح معه شنقيط أول مدينة أثرية موريتانية تفك عنها العزلة، مبينا أنه سيشكل نقلة نوعية في تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة.

وقال إن حضور أعلى سلطات ثقافية في العالم ممثلة في مديري منظمات اليونسكو والإيسيسكو والألكسو لمهرجان مدائن التراث يعد نجاحا ثقافيا وسياسيا وأمنيا يعكس مكانة موريتانيا التراثية وقدرتها على تحقيق الاستقرار والانفتاح الحضاري.

وأضاف أن المهرجان أكد أهمية مدائن التراث كرمز حضاري وتاريخي، وجذب اهتمام العالم لما تزخر به من موروث غني يستحق الحماية، مشيرا إلى أن مشاركة هذه المنظمات الدولية تعزز مكانة موريتانيا على خارطة التراث العالمي، وتبرر جهودها في صون هويتها التاريخية والحضارية.

وبين أن نسخة شنقيط تميزت كذلك بترفيع وإثراء المحتوى العلمي من خلال طباعة أحد عشر مؤلفا جديدا لمؤلفين موريتانيين تم الاحتفاء بهم بالموازاة مع إطلاق المكونة العلمية، مضيفا أنه تم إصدار عدد خاص من مجلة الثقافة، خصص لمدينة شنقيط، تاريخها، تراثنا، أعلامها، معالمها، عاداتها، فلكلورها.

وأوضح أنه تم إصدار نشرية مدائن التراث لتوثق يوميات المهرجان، مبينا أنه تم كذلك تنظيم ندوات بلغ عددها (35) محاضرة ركزت على العديد من المواضيع من بينها حماية التراث الثقافي، والدور التاريخي للسفارة الشنقيطية في المشرق، وأهمية التجارة العابرة للصحراء كصلة وصل بين شمال وجنوب القارة.

وأكد معالي الوزير أن هذه النسخة تميزت كذلك بمشاركة عشرات الشعراء والفنانين، مضيفا أنه تم خلالها تنظيم العديد من المسابقات في القرآن الكريم والفقه والأصول والسيرة واللغة والشعر والفنون والتفوق والألعاب التقليدية وكرة القدم وسباقي الخيل والإبل.

وأضاف أن هذه النسخة كانت محطة مضيئة أكد فيها فخامة رئيس الجمهورية مجددا إلتزامه برؤية عادلة لدولة المواطنة والإنصاف، دولة تعلي من شأن جميع أبنائها دون تميز أو تهميش، دولة يتجاوز مواطنوها سرديات التراتبيات الاجتماعية المتخلفة.

وقال معالي الوزير “لقد كان مهرجان مدائن التراث أكثر من مجرد تظاهر ثقافية، بل كان لوحة وطنية متكاملة فيها من القيم ما يلهمنا، ومن الأصالة ما يعزز هويتنا، ومن الفكر ما ينير مستقبلنا”.

وتميز حفل الاختتام بتوزيع الجوائز على الفائزين الأوائل في مسابقات القرآن الكريم والحديث الشريف والسيرة النبوية، والرماية التقليدية وسباقي الإبل والخيل، وألعاب ظامة واكرور والسيك، وغير ذلك من المسابقات المنظمة على مستوى المهرجان.

وهكذا فازت بالمرتبة الأولى في مسابقة القرآن الكريم الويلة بنت لمام من مدينة شنقيط، وفاز في مسابقة الحديث بالمرتبة الأولى محمد يسلم أوا من مدينة تيشيت، وفاز بالمرتبة الأولى في مسابقة العقيدة محمدو ولد لمام من مدينة تيشيت، وفاز بالمرتبة الأولى في مسابقة السيرة أحمد بوي احمد ابه من مدينة تيشيت.

كما فاز بالمرتبة الأولى من مسابقة الرماية التقليدية فريق الصولة (آدرار) بحصوله على 26 إصابة، وكانت جائزة أحسن رامي لصالح رامي الفريق سيدي ولد زغمان، الذي حصل على ثماني إصابات من أصل تسعة.

كما جاء في المرتبة الأولى من سباق الإبل دياه دحمود، وحصل اعلي ولد احجور من مدينة ولاته على المرتبة الأولى في مسابقة ظامت، وحلت مدينة شنقيط في المرتبة الأولى من مسابقة السيك، وجاءت وادان في المرتبة الأولى من مسابقة اكرور.

أما سباق الخيل الأصيلة، فقد فازت فيه بالمرتبة الأولى الخيل (سلطانه) لمالكها أحمد ولد جماني، بينما فازت بالمرتبة الأولى بالنسبة لسباق الخيل المحلية (لملاوح) لمالكها أحمد ولد مولاي أحمد.

وتم خلال الحفل تكريم الشخصيات المتميزة على ما بذلوه من جهود في خدمة المدن القديمة، وهم صمب اباه عبدالعزيز من مدينة شنقيط متخصص في استخراج الطين من مقلع أغوج، السعد جبريل الجيلاني من مدينة شنقيط متخصص في البناء التقليدي، والليلة بنت جوبله من مدينة شنقيط متخصصة في إنتاج الأدوات التقليدية من الجلود ومصادر النخيل والأشجار، وبركة سيدي مجمد من مدينة ولاته متخصصة في مجال البناء والزعيم ولد خطري من مدينة ولاته متخصص في صناعة الأبواب الولاتية، وإيايه بنت اباتي من مدينة ولاته متخصصة في الزخرفة، والداه محمد الأمين البشير من مدينة تيشيت متخصص في الفن المعماري التيشيتي، وامباركه بنت أحمد من تيشيت متخصصة في صناعة الحصائر من جريد النخيل.

جرى حفل الاختتام بحضور حاكم مقاطعة شنقيط وعمدة بلديتها ورئيس جهة آدرار والأمين العام لوزارة الثقافة والسلطات الأمنية بالولاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *