بعد تداول خبر زيارة وزير الطاقة الموريتاني للمملكة المغربية والحديث عن أن البلدين بصدد توقيع اتفاقيات في مجال الكهرباء والطاقة تشمل “الربط الكهربائي” للشبكات الكهربائية بين موريتانيا والمغرب، طالعت خبر توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين شملت من بين ما تضمنت “ربط الشبكات الكهرباء” دون تحديد ما إذا كانت تعني الشبكات الداخلية في كل بلد على حدة أم أنها تعني ربط الشبكات الكهربائية بين موريتانيا والمغرب؟!
والحقيقة أن وسائل إعلام موريتانية ومغربية، بغض النظر عن مصداقيتها، تحدثت عن هذا الربط بين البلدين لتقوية شبكات الكهرباء بين البلدين.
وإذا صحت هذه “الرواية” التي لم يفصح عنها الخبر الرسمي، فإن السؤال المطروح هو كيف يتم ربط شبكات كهربائية بين بلدين لا توجد بينهما حدود مشتركة والأرض الفاصلة بينهما أرض “محل نزاع طويل ومرير” ولا يمكن، وفق القانون الدولي استغلال هذه الأرض المحتلة لإقامة مشاريع اقتصادية أو تجارية عبرها لأن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي يعتبرها أرضا متنازعا عليها بين أصحابها الصحراويين والمحتل المغربي؟! زد على ذلك أن موريتانيا، التي يفترض أنها تحترم القوانين الدولية، لا تعترف بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية، بل وتعترف بالجمهورية العربية الصحراوية كدولة مستقلة، تماما كما تعترف بدولة فلسطين التي يحتل الكيان الصهيوني أراضيها ويقيم عليها كيانه المزعوم، ويحاصر بقيتها في قطاع غزة والضفة الغربية.
والحقيقة أن موريتانيا ذات تجارب سابقة في ارتكاب أخطاء فادحة بخصوص القضية الصحراوية، حيث وقعت مع المغرب اتفاقية تقسيم الأراضي الصحراوية بينهما، وكان إقليم تيرس الغربية كله يتبع لموريتانيا، وفق هذا الاتفاق الذي واجهه أصحاب الأرض بالرفض ثم بالحرب. وبعد انقلاب 1978 في موريتانيا أعلن العسكريون المنقلبون في موريتانيا انسحابهم من الحرب ومن الأراضي الصحراوية التي كان المغرب يعتبرها اراض موريتانيا، بعد ذلك سيطرت الرباط على الأراضي “الموريتانية” التي انسحب منها الجيش الموريتاني واعتبرها أرضا مغربية رغم تنازل نواكشوط عنها لصالح الصحراويبن وفق اتفاق وقف الحرب بينهما؟!!
ولأن القانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وحتى الاتحاد الأوروبي وعشرات الدول في مختلف قارات العالم يعتبرون الصحراء الغربية أرضا محتلة من طرف المغرب فإن استغلالها في أي مجال من مجالات التعاون مع الدول الأخرى يعتبر مخالفا للقانون الدولي الملزم لجميع الدول التي تحترم نفسها وفي مقدمتها موريتانيا، فكيف توقع نواكشوط على مذكرة تفاهم تتضمن دراسة مشروع للربط الكهربائي بين المغرب وموريتانيا يمر عبر اراضي دولة أخرى وشعب يطالب القانون الدولي جميع الأطراف المعنية بالعمل على تقرير مصيره من خلال استفتاء حر ونزيه، ام أن مرور الشاحنات المغربية من الأراضي الصحراوية المحتلة إلى موريتانيا وإفريقيا عن طريق معبر الكركرات أنسى موريتانيا والدول المستقبلة لهذه الشاحنات أن هذا الاستغلال لاراض محتلة مخالف للقانون وربما تكون له تبعات لاحقة حين يقرر الشعب الصحراوي الاستقلال في استفتاء حر ونزيه لتقرير المصير تدعو له الأمم المتحدة من خلال “المينروسو” الموجودة في الأراضي الصحراوية المحتلة؟.
اتمنى أن يكون خبر الربط الكهربائي بين موريتانيا والمغرب غير صحيح لعدم وجود إمكانية لذلك على الأرض حتى لا تقع موريتانيا في فخ “فرض الأمر الواقع” الذي يعمل المغرب جاهدا على جر دول العالم له بما في ذلك الدول القريبة من الأراضي الصحراوية.
إن أي اتفاقية بين موريتانيا والمغرب يتم فيها استغلال الحوزة الترابية الصحراوية أو اجوائها او مياهها الإقليمية يعتبر انتهاكا سافرا للقانون الدولي وتناقضا صريحا مع اعتراف موريتانيا بالجمهورية العربية الصحراوية بل وتناقضا أكبر مع موقف الحياد الذي تبنته موريتانيا لاحقا من هذا النزاع بين المحتل المغربي وصاحب الأرض المدعوم من أشقاء وأصدقاء لهم وزنهم وثقلهم الإقليمي والدولي ومصالحهم الحيوية والاستيراتيجية مع موريتانيا، والتي لا يجوز التفريط فيها بأي حال من الأحوال.
ولأن الرسميين الموريتانيين يرفضون حتى اليوم المشاركة في أي نشاط رسمي على الأراضي الصحراوية المحتلة، فإنني واثق تماما من أن الحكومة الموريتانية لن تتورط في اتفاق مع المغرب يتم فيه استغلال اراضي الجمهورية العربية الصحراوية بما يعزز الاحتلال المغربي للصحراء الغربية ويتنافى مع المواقف الموريتانية الرسمية المعلنة.
مولاي ابراهيم ولد مولاي امحمد